الأربعاء، 19 يونيو 2013

شوفير جوجل

في عيادة طبيب الجلد الذي يزور قريتنا مرّة كل أسبوعين، التقيتُ صدفة بابن أختي الصغير اركان ووالده، كان اركان واقفاً أمام لافتة في صالة الانتظار خارج غرفة الطبيب، كان يحدّق في صورتين،

الأولى لرأس رجل أصلع، والأخرى لنفس الرّجل بعد أن نبتَ على جلدة رأسه شعر كثيف.
سأل اركان والده: يابا شو هاي؟
الأب: هاي صورة لواحد زرع شَعَر!
حوّل اركان نظره إلى صلعتي الآخذة بالتفاقم وأطال النّظر، ربّما كان يتخيلني مع شعر طويل أو تسريحة فاقعة مصففة بعناية تكسوها طبقة جِل لمّاعة.
دنا مني قليلا وأنا تهيأت لموقف محرج سيجعلني أضحوكة العيادة في ذلك النّهار، سألني بصوت عالٍ جعل جميع المرضى ينظرون إلينا: خالي! كيف يعني بزرعوا شعر؟
لا ادري لماذا توقّع هذا الطفل أن تكون لدي إجابة، لكني تذكرت انّه يكره الذهاب إلى المدرسة، فوجدتها فرصة كي أُنسيه موضوع الصلع والصلعان، وفي ذات الوقت اجعله يشعر أن في التعلّم أمورا قد تكون أكثر إثارة من درس «الموطن» فقلت: اذهب إلى المدرسة واكتب وظائفك وادرس لامتحاناتك واحصل على علامات عالية واذهب إلى الجامعة وصير دكتور، وعندها بتصير تعرف تزرع شعر للناس.
كانت حواجب اركان قد بلغت جلدة رأسه من هذا الإجابة الدّهليزية المدهشة فاعتقدتُّ أني أفحمته.
فقبض عينيه واتـكـأ إلى الجدار، ثم أخرج الآيبود من جيبه وصار يحسّس في سبابته على الشاشة، صار يحرّك شفاهه كأنّه يقرأ ينظر إليَّ تارةً والى والده تارة أخرى ثم يتابع التدقيق في الشاشة. لم أتمكن من كبح فضولي لمعرفة ما يفعل، فتلصصت إلى جهازه فبدا كأنه جوجل ينتقل إلى يوتيوب ثم اشتغل فيلم يشرح عن زراعة الشعر، كان بريق الإثارة يلمع في عينيه ثم قال: أنا بديش أروح عالمدرسة ولا أكتب وظايفي ولا أجيب علامات عالية ولا بدي أتعلم بجامعة ولا أصير دكتور، وبدّيش أزرعلك شعر، أنا أصلا بدي أصير شوفير شاحنة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق