الخميس، 28 أغسطس 2014



اذكر في الصف السادس درس الزراعة الذي كان يقتصر على تنظيف ساحة المدرسة من اوراق الشجر واكواز الصنوبر المتساقطة، يومها كان مربي صفنا ومشرف درس الزراعة مدير مدرستنا، ويومها كُنت للتّو قد اصبحتُ رئيس سرية الكشاف في المدرسة، فراودني غروري ان "تنظيف الساحة " لا يليق بالمنصب الجديد، كسدرت واضعًا يديّ خلف ظهري وجلست على المقعد الحجري الازرق اتأمّل نداءات الواجب وابتسمُ لزملائي المستغربين لجسارتي في عصيان امر المدير بعد دقائق لمحني الأستاذ من بعيد اضع رجليّ واحدة فوق الأخرى مزهوّا بالشريط المجدول حول حتفي فناداني بصوت هادر وهرول نحوي ورأسه وكتفيه قد سبقا جسده وكأنه يهمّ لإفتراسي، وقتها كان قلبي يسابق خطوات المدير السريعة ولشدة الرّعب نسيت ان اسحب كفي من جيوبي فبدوت واثقاً من فعلتي رغم ان الحقيقة اني كنت مرعوبًا.


عندما كانت المسافة بيني وبينه ذراعين سألني : ليش قاعد؟ وحين اصبحت المسافة اقل من ذراع وقبل ان انبس ببنت شفة سحب ذراعه للخلف ولوّح بها في حركة سريعة جعلتها ترتطم في وجهي بقوة صاروخية.


اذكر جيدًا صوت الأجراس التي رنّت في جمجمتي والنجوم التي حلّقت امام عيني في عزّ الظهيرة.


واذكر جيدًا دموعي التي تمرّدت عليّ رغم اني حاولت احكام سجنها بين جفني، واذكر ايضا اني اصبحت احسن ولد يجمع اكبر كمية من اكواز الصنوبر في تاريخ المدرسة.


جزى الله استاذي خيرًا الذي سحق براعم الغرور بين اصابعه الموجعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق